1400 - دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ .
هذا مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء فقال بعضهم : الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العَجَمَ أهلُ مَكْر وخَديعة وكان العجم يخالطوهم وكانوا يَتَّجِرون في الدُّرِّ ولا يحسنون العربية فإذا أرادوا أن يُعَبروا عن العشرة قالوا : ده وعن الثنين قالوا : دو فوقع إليهم رجل معه خَرَزَات سود وبيض فلَبَّسَ عليهم وقال : دُودُرَّيْن أي نوعان من الدر أو ده درين أي قال عشرة منه بكذا ففتشوا عنه فوجدوه كاذباً فيما زعم فقالوا : دُهْ درين ثم ضموا إلى هذا اللفظ " سعد القين " لأنهم عَرَفوه بالكذب حين قالوا : إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْن فإنه مُصْبح فجمعوا بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب وثنوا قولهم : " درين " لمزاوجة القين فإذا أرادوا أن يعبروا عن الباطل تكلموا بهذا ثم تصرفوا في الكلمة فقالوا : دهدرّ ودهدنّ ودهدار وجعلوا كلها أسماء للباطل والكذب .
وقال بعضهم : أصله " ده دو " فَثَنَّوه عبارة عن تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه كما جمعوا أسماء الدواهي فقالوا : الأقْوَرِين والفتكرين والبرجين إشارة إلى اجتماع الشرِّ فيه ثم غيروا أوله عن دَهْ بالفتح إلى دُهْ بالضم ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما .
قالوا : وموضع المثل نصب بإضمار أعني أو أبصر ويجوز أن يكون رفعا على الابتداء أي أنت صاحب هذه اللفظة أو مثلُ مَنْ عُرِف بهذا وسعد : رفع أيضاً على هذا التقدير أي أنت سعد القين وحذف التنوين لالتقاء الساكنين .
قال أبو زيد في نوادره : يقال للرجل يُهْزَأ منه : ده درين وطرطبين .
قال أبو الفضل المنذري : وجدت عن أبي الهيثم دُهْ مضمومةً وسعد منصوبا كأنه يريد يا سَعْد مضافاً إلى القين غير معرب كأنه موقوف قال : تقال هذه الكلمة عند تكذيب الرجل صاحِبَه . قال أبو الفضل : [ ص 267 ] وقال أبو عبيدة ده درين قال : وإنما تركوا منها نون القين موقوفة ولم ينونوا سعدا في هذا الموضع ونصبوا ده درين على إضمار فعل ينصبه وهو أعني قال : وبعضهم يقولون " دُهْدُرَّيْ " بغير نون الاثنين ومعناه عندهم الباطل قال الأصمعي : ولا أدري ما أصله قال أبو عبيد : وأما أبو زياد الكلابي فإنه قال : ده دريه بالهاء هذا ما قالوا فيه ثم صار الدُّهْدُرُّ اسماً للباطل ثم أبدلوا الراء نونا فقالوا : دُهْدُنٌّ ومنه قول الراجز : .
لأجعلَنْ لابنة عثم فَنَّا ... حتى يكون مهرها دهدنا .
أي باطلا ويقال أيضاً : دهدار بدهدار أي باطل بباطل وزعموا أن عدي ابن أرْطَأة الفزاري كتب إلى عمر بن عبد العزيز يخطب هندا بنت أسماء بن خارجة الفَزَاري فكتب إليه عمر : أما بعد فإن الفزاري لا ينفك والسلام فلما قرأ عدي الكتاب لم يدر ما أراد فبعث إلى أبي عُيَيْنة ابن المهلب بن أبي صفْرة وكان عَلاَّمة فأقرأه الكتاب فقال له : قد علمت ما أراد قال : وما هو ؟ قال : عَنَى قولَ ابن داره .
إن الفَزَاريَّ لا ينفكُّ مُغْتَلِما ... من النَّوَاكَة دُهْدَارا بدهدار .
يقول : باطلا بباطل أي يأتي باطلا بسبب باطل وكانت هند هذه تحت عبيد الله بن زياد ثم زوجها بشر بن مَرْوَان حين قدم الكوفة أميراً ثم تزوجها الحجاج ابن يوسف