الوقت إلى منزل ابن أبي الزلازل فلم يجده فكتب اسمه على بابه وترك رقعة فيها .
( قد ومن خصني بودك أذكى ... طول شوقي إليك في القلب نارا ) .
( سرت فيه تلقاء داري قصدا ... فإذا النور قد تغشى الديارا ) .
( فتعجبت أن أرى الأفق ليلا ... مدلهما وجوف داري نهارا ) .
( وإذا خطك البديع على الباب ... يبت الضياء والأنوارا ) .
( فتمنيت أن خدي نعلا ... أخمصيك اللذين نحوي سارا ) .
( غير مستنكر لمثلك أن يسبق ... فضلا وأن يفوت فخارا ) .
( ثم أصبحت أشتكي عثر السكر ... وعزمي زيارتيك ابتكارا ) .
( فإذا رقعة تمر بها الريح ... يمينا طورا وطورا يسارا ) .
( فتأملتها وكانت من اللائي ... تروق القلوب والأبصارا ) .
( ما توهمت أنني قبلها أقرأ ... خطا يزيل عني الخمارا ) .
( قابلتني منها سهام عتاب ... جعلت درعي الحصين اعتذارا ) .
( وأحاشيك أن تكون خليلا ... مذق الود للصديق معارا ) - من الخفيف - .
فلما رأى ابن أبي الزلازل الرقعة كتب إليه بهذه الأبيات .
( بأبي أنت سابق لا يجارى ... قاده نحوي اشتياق فزارا ) .
( عاقني الحظ أن أراه وأن نقضي ... عند اجتماعنا الأوطارا ) .
( يا ابن رشدين قد أفدت بك الرشد ... وبدلت بعد عسر يسارا ) .
( كنت بالأمس عند إخوان صدق ... أدباء ندير كأسا عقارا ) .
( قد جعلنا محمود ذكرك نقلا ... وشربنا من قبله تذكارا )