( وقد قويم جفاه الزمان ... كخوط تحاني وغصن ذبل ) .
( وشعر تطاير فيه البياض ... يحاكي سواه خضاب نصل ) .
( وثغر تناثر كالأقحوان ... غازله الليل رش وطل ) .
( ووجه نبت عنه نجل العيون ... وقد كان روضا لحور المقل ) .
( وخطو كخطو القطا في الرمال ... من بعد وثب كوثب الإبل ) .
( وجسم تراجع بعد النماء ... كزرع تناهى وبرد سمل ) .
( ترحل ما سر مستعجلا ... وشيك الرحيل وما ساء حل ) .
( مضت وانقضت غفلات الشباب ... وجاء المشيب وبئس البدل ) .
( كأني رأيت الصبا في المنام ... خيالا تمثل ثم اضمحل ) .
( أما لك فيما ترى عبرة ... وشاهد صدق بقرب الأجل ) .
( إلى كم تطوف بباب الملوك ... كطير الفراش بضوء الشعل ) .
( فطورا تجل وطورا تغل ... وطورا تعز وطورا تذل ) .
( أتغفل عن نائبات الزمان ... وهن سراع إلى من غفل ) .
( زمان يدير على أهله ... بسعد ونحس كؤوس الدول ) .
( فإحدى يديه تمج الذعاف ... وإحدى يديه تمج العسل ) .
( ألم تعتبر بقصور الملوك ... خلت منهم بوشيك الرحل ) .
( فسلها وقل أين سكانها ... وأين الملوك وأين الخول ) .
( وأين الجيوش وأين الخيول ... وأين السيوف وأين الأسل ) .
( وأين الذين حكوا بالقدود ... غصونا ثناها الندى والبلل ) .
( كجن على الجن قد أقبلوا ... بسود القلانس حشو الحلل )