سمعك وكما أن من آفات الشراب أنك إذا أقللت منه حاربت شهوتك ولم تقض نهمتك وإذا أكثرت منه تعرضت للإثم والعار وأبرزت صفحتك للألم والنار وكما أن من آفات المماليك أنك إذا بسطتهم أفسدت أدبهم وأذهانهم وإذا قبضتهم أفسدت وجوههم وألوانهم وكما أن من آفات الأصدقاء أنك إذا استقللت منهم لم تصب حاجتك فيهم وإذا استكثرت منهم لزمتك حوائجهم وثقلت عليك نوائبهم وكسبت الأعداء من الأصدقاء كما تكسب الداء من الغذاء وكما أن من آفات المغنين أن الوسط منهم يميت الطرب وأن الحاذق منهم ينسي الأدب .
وهذه جملة من أخباره تطرق لأشعاره .
أصله من طبرستان ومولده ومنشؤه خوارزم وكان يتسم بالطبري ويعرف بالخوارزمي ويلقب بالطبرخزمي فارق وطنه في ريعان عمره وحداثة سنه وهو قوي المعرفة قويم الأدب نافذ القريحة حسن الشعر ولم يزل يتقلب في البلاد ويدخل كور العراق والشام ويأخذ عن العلماء ويقتبس من الشعراء ويستفيد من الفضلاء حتى تخرج وخرج فرد الدهر من الأدب والشعر ولقي سيف الدولة وخدمه واستفاد من يمن حضرته ومضى على غلوائه في الاضطراب والاغتراب وشرق بعد أن غرب وورد بخارى وصحب أبا علي البلعمي فلم يحمد صحبته وفارقه وهجاه بقوله .
( إن ذا البلعمي والعين غين ... وهو عار على الزمان وشين ) .
( إن يكن جاهلا بخفي حنين ... فهو الخف والزمان حنين ) - من الخفيف - .
ووافى نيسابور فاتصل بالأمير أبي نصر أحمد بن علي المكالي .
واستكثر من مدحه وداخل أبا الحسن القزويني وأبا منصور البغوي وأبا الحسن الحكمي فارتفق بهم وارتفق من الأمير أحمد ومدحه ونادم كثير بن أحمد .
ثم