على العرض والحسب ولا على الدين والأدب ولا بد للنعمة من عودة ولا بد لعين الكمال من رقية ولأن يكون في دار تبني ومال يجبر وينمى خير من أن يكون في النفس التي لا جابر لكسرها ولا نهاية لقدرها .
فصل في ذكر الرمد .
صادف ورود الكتاب رمدا في عيني حتى حصرني في الظلمة وحبسني بين الغم والغمة وتركني أدرك بيدي ما كنت أدرك بعيني كليل سلاح البصر قصير خطو النظر قد ثكلت مصباح وجهي وعدمت بعضي الذي هو آثر عندي من كلي فالأبيض عندي أسود والقريب مني مبعد .
قد خاط الوجع أجفاني وقبض عن التصرف بناني .
ففراغي شغل ونهاري ليل وطول ألحاظي قصار وأنا ضرير وإن عددت في البصراء .
وأمي وإن كنت من جملة الكتاب والقراء .
قصرت العلة خطوتي قلمي وبناني وقامت بين يدي ولساني .
وقد كانت العرب تزاوج بين كلمات تتجانس مبانيها وتتكافأ مقاطعها ومعانيها فيقولون القلة ذلة والوحدة وحشة واللحظة لفظة والهوى هوان والأقارب عقارب والمرض حرض والرمد كمد والعلة قلة والقاعد مقعد .
فصل في مدح الفقر .
وإنما يكره الفقر لما فيه من الهوان ويستحب الغنى لما فيه من الصوان فإذا نبغ الغم من تربة الغنى فالغنى هو الفقر واليسر هو العسر لا بل الفقير على هذه القضية أحسن من الغني وأقل منه أشغالا لأن الفقير خفيف الظهر من كل حق منفك الرقبة من كل رق فلا يستبطئه إخوانه ولا يطمع فيه جيرانه ولا تنتظر في الفطر صدقته ولا في النحر أضحيته ولا في شهر رمضان مائدته ولا