الباب الثاني .
في ذكر العصريين المقيمين بالحضرة البخارية والطارئين عليها والمتصرفين في أعمالها .
وتوفية الكتاب شرطه من ملح أشعارهم وظرف أخبارهم .
كانت بخارى في الدولة السامانية مثابة المجد وكعبة الملك ومجمع أفراد الزمان ومطلع نجوم أدباء الأرض وموسم فضلاء الدهر .
فحدثني أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي قال اتخذ والدي أبو الحسن دعوة ببخارى في أيام الأمير السعيد جمع فيها أفاضل غربائها كأبي الحسن اللحام وأبي محمد بن مطران وأبي جعفر بن العباس بن الحسن وأبي محمد ابن أبي الثياب وأبي النصر الهرثمي وأبي نصر الظريفي ورجاء بن الوليد الأصبهاني وعلي بن هارون الشيباني وأبي إسحاق الفارسي وأبي القاسم الدينوري وأبي علي الزوزني ومن ينخرط في سلكهم فلما استقر بهم مجلس الأنس أقبل بعضهم على بعض يتجاذبون أهداب المذاكرة ويتهادون رياحين المحاضرة ويقتفون نوافج الأدب ويتساقطون عقود الدر وينفثون في عقد السحر .
فقال لي أبي يا بني هذا يوم مشهود مشهور فاجعله تاريخا لاجتماع أعلام الفضل وأفراد الوقت واذكره بعدي في أعياد الدهر وأعيان العمر فما أراك ترى على السنين أمثال هؤلاء مجتمعين فكان الأمر على ما قال ولم تكتحل عيني بمثل ذلك المجمع