12 - أبو الطيب الطاهري .
هو طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر من أشعر أهل خراسان وأظرفهم وأجمعهم بين كرم النسب ومزية الأدب إلا أن لسانه كان مقراض الأعراض فلا تزال تخرج من فيه الكلمة يقطر منه دمه وتتبرأ منه نفسه .
وكان وقع في صباه في شرذمة من أهل بيته إلى بخارى فارتبط بها وردت عليه ضياع نفيسة للطاهرية فتعيش بها وكان يخدم آل سامان جهرا ويهجوهم سرا .
ويطوي على بغض شديد لهم .
ويتمنى زوال ملكهم وزوال أمرهم لما يرى من ملك أسلافه في أيديهم .
ويضع لسانه حيث شاء من ثلبهم وذم وزرائهم وأركان دولتهم وهجاء بخارى مقر حضرتهم ومركز عزهم .
فحدثني أبو زكريا يحيى بن إسماعيل الحربي قال سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الفارسي يقول في يوم من أيام وروده نيسابور على ديوانها إن أصحاب أخبار السر كانوا ينهون إلى كل من الأميرين الشهيد والسعيد في أيامهما ما يقدم عليه هذا الطاهري من هجائهما فيغضبان عليه ويهبان جرمه لأصله وفضله ويتذممان من قتل مثله فدخل يوما على السعيد نصر بن أحمد فهش له وبسطه وحادثه ثم قال له في عرض الحديث يا أبا الطيب حتى متى تأكل خبزك بلحوم الناس فنكس رأسه حياء ثم قام يجر ذيل خجل ووجل .
ولم يعد لعادته في التولع به .
قال أبو زكرياء ومما يحكى من كلمات السعيد الوجيزة الدالة على فضله وكرمه قوله لأبي غسان التميمي وقد حمل إلى حضرته في يوم المهرجان كتابا من تأليفه ما هذا يا أبا غسان قال كتاب أدب النفس قال فلم لا تعمل به وكان أبو غسان من الأدباء الذين يسيئون آدابهم في المجالس