وقوة النقد فسار الكتاب مسير الرياح وطار في البلاد بغير جناح وقال فيه بعض العصريين من أهل نيسابور .
( أيا قاضيا قد دنت كتبه ... وإن أصبحت داره شاحطه ) .
( كتاب الوساطة في حسنه ... لعقد معاليك كالواسطه ) - من المتقارب - .
فصل من هذا الكتاب المذكور .
ومتى سمعتني أختار للمحدث هذا الاختيار وأبعثه على الطبع وأحسن له في التسهل فلا تظنن أني أريد بالسهل السمح الضعيف الركيك ولا باللطيف الرشيق الخنث المؤنث بل أريد النمط الأوسط وما ارتفع عن الساقط السوقي وانحط على البدوي الوحشي وما جاوز سفسفة نصر ونظرائه ولم يبلغ تعجرف هميان بن قحافة وأضرابه نعم ولا آمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحدا ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه بل أرى لك أن تقسم الألفاظ على رتب المعاني فلا يكون غزلك كافتخارك ولا مديحك كوعيدك ولا هجاؤك كاستبطائك ولا هزلك بمنزلة جدك ولا تعريضك مثل تصريحك بل ترتب كلا مرتبته وتوفيه حقه فتلطف إذا تغزلت وتفخم إذا افتخرت وتتصرف للمديح تصرف مواقعه فإن المدح بالشجاعة والبأس يتميز عن المديح باللباقة والظرف ووصف الحرب والسلاح ليس كوصف المجلس والمدام ولكل واحد من الأمرين نهج هو أملك به وطريق لا يشاركه الآخر فيه وليس ما رسمته لك في هذا الباب بمقصور على الشعر دون الكتابة ولا بمختص بالنظم دون النثر