وكان مما أعجب به وتعجب منه واستضحك له حكايتي رقعة له وردت علي وصدرها رقعة الشيخ أصغر من عنفقة بقة وأقصر من أنملة نملة .
قال أبو الحسين وجرى في بعض أيامنا ذكر أبيات استحسن الأستاذ الرئيس وزنها واستحلى رونقها وأنشد جماعة ممن حضر ما حضرهم على ذلك الروى وهو قول القائل .
( لئن كففت وإلا ... شققت منك ثيابي ) .
فأصغى إلينا الأستاذ أبو الفتح ثم أنشدني في الوقت .
( يا مولعا بعذابي ... أما رحمت شبابي ) .
( تركت قلبي قريحا ... نهب الأسى والتصابي ) .
( إن كنت تنكر ما بي ... من ذلتي واكتئابي ) .
( فارفع قليلا قليلا ... عن العظام ثيابي ) من الجتث .
قال فتأمل هذه الطريقة وانظر إلى هذا الطبع فإنه أتى بمثل ما أنشده في رشاقته وخفته ولم يعد الجنس ولم يقصر دونه .
وبذلك تعرف قدرة القادر على الخطابة والبلاغة .
قال ومن شعره وهو في المكتب قوله من قصيدة في أبيه أولها .
( أليل هو أم شعر ... وبرق هو أم ثغر ) .
( وحر الصدر ما ضمنت الأحشاء أم جمر ... ) .
( ويهماء كمثل البحر ... يرتاع لها السفر )