أحرار لوجه الله تعالى إن كان هذا الشعر في استطاعة أحد مثله أو اتفق من عهد أبي دؤاد الإيادي إلى زمان ابن الرومي لأحد شكله بل عيبه أن محاسنه تتابعت وبدائعه ترادفت فقد كان في الحق أن يكون كل بيت منه في ديوان يجلمه ويسود به شاعره ثم ينشد فإذا بلغ بيتا يعجب ويتعجب من نفسه فيه قال أيها الوزير من يستطيع هذا إلا عبدك علي بن هرون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم جليس الخلفاء وأنيس الوزراء ثم ينشد الإبن والأب يعوذه ويهتز له ويقول أبو عبد الله استودعه الله ولي عهدي وخليفتي من بعدي ولو اشتجر اثنان من مصر وخراسان لما رضيت لفصل ما بينهما سواه أمتعنا الله به ورعاه وحديثه عجب وإن استوفيته ضاع الغرض الذي قصدته على أنه أيد الله مولانا من سعة النفس والخلق ووفور الأدب والفضل وتمام المروءة والظرف بحال أعجز عن وصفها وأدل على جملتها أنه مع كثرة عياله واختلال أحواله طلب سيف الدولة جاريته المغنية بعشرين ألف درهم أحضرها صاحبه فامتنع من بيعها وأعتقها وتزوج بها .
فصل .
وسمعت عنده أبا الحسن بن طرخان وقد نمى إلى سيدنا خبر ابنه وحذفه والفتى يبرز عليه مع التمسك بمذهبه وليس بالعراق ولا شيء من الآفاق طنبوري يشاكله أو يقاربه ومما يغنى به من شعر أبي الحسن ويحلف على الرسم أن لا مداني له فيه .
( بيني وبين الدهر فيك عتاب ... سيطول إن لم يمحه الإعتاب ) .
( يا غائبا بوصاله وكتابه ... هل يرتجى من غيبتيك إياب ) .
( وإذا بعدت فليس لي متعلل ... إلا رسول بالرضا وعتاب )