ع : يريد النابغة سعة مجدهم وتمكنه والسورة : المنزلة الرفيعة وكانوا إذا وصفوا المكان بالخصب وكثرة الشجر يقولون ( لا يَطير غُرابُه ) يريدون أنه إذا وقع في مكان وجد ما يحبسه فلا يحتاج أن يتحول ولا يطير إلى غيره ويكون أيضاً أن أهل ذلك الموضع المخصب لا يطيرونه عما يقع عليه لكثرة الشيء عندهم وهوانه عليهم .
وأما قول أبي عبيد : أن هذا المثل أيضاً يضرب في الشدة فلأنّ الزمان إذا اشتد والجدب إذا افرط هلك المال وجيّف فيقع الغراب منه حيث يشاء ويأكل هو وسائر سباع الطير وغيره كيف أحب لا يطار منه شيء ولا يهاج وعلى هذا المعنى قالوا : ( نَعِيمُ كَلْبٍ في بُوْسِ أهْلِهِ ) وقال الشاعر : .
( أَراني إِذا ما الكَلْبُ أَنْكَرَ أَهْلَهُ ... أُفَدَّى وَحِينَ الكَلْبُ جَذْلانُ نَابحُ ) .
إذا انكر الكلب أهله إذا لبسوا السلاح للحرب لم يعرفهم الكلب كما قل طفيل .
( أُناسٌ إذا ما أَنْكَرَ الكَلْبُ أَهْلَهُ ... حَمَوْا جَارَهُمْ مِنْ كُلِّ شَنْعَاءُ ضُلْعِ ) .
يقول الشاعر : أفَدّى في ذلك الوقت لأني أقاتل عنهم وحين الكلب جذلان في الجدب إذا موَّتت الإبل أكل وفرح أفدى لأني أفضل وأطعم .
قال أبو عبيد : قال أبو زيد : من أمثالهم في الخصب ( وَقَعَ في سنّ رأسه ) أي فيما شاء واحتكم