ع : لما ذكره أبو عبيد خبر طويل أنا أختصر لفظه وأورد فائدته وأصلُ هذا البيت بما يصلح أن يوضع هنا : كانت طسم وجديس من العرب العاربة والأمم الخالية وكان المملّك عليهم رجلاً من طسم فجار على جديس وأساء السيرة فيهم وكانت لا تزف امرأة من جديس إلى زوجها حتى يؤتى بها إليه ليفتضها فتمالأت جديس على الفتك به وبقومه وكان سيدهم الأسود بن عفار فقال لهم : إني لا آمن الظفر بنا عند المناهضة فنصير خولاً وعبيداً ولكني أكتب إلى الملك أني قد زوجت أختي فليحضرني الملك وجميع أهله ومن أحب إلى طعامي فإذا أتوكم قام كل رجل منكم على رأس رجل منهم وقد وارى سلاحه تحت رجليه فإذا قُرّبَ الطعام أخذ كل رجل منكم ما تحت رجليه فقتل من يليه ونقيم مكامن من أهل الشدة وكتمان السرّ فيقتلون كل من يجيب الصارخ فأنفذوا تدبيرهم هذا وقتلوا الملك وقومه طسماً عن آخرهم إلا رجلاً يقال له رياح بن مرة فإنه أفلت فأتى حسان بن تبع صاحب اليمن يستعديه على جديس ويذكر له استئصالهم لقومه وعظيم ما غلبوهم عليه من الأموال .
فسار إليهم حسان في جيوش لا تحصى عدتها كثرة فلما أصحروا قال لهم رياح : إن فيهم امرأة يقال لها اليمامة تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام فاقطعوا الشجر وليضع كل رجل منكم بين يديه غصناً من أغصانه ليشتبه عليها الأمر .
فقامت اليمامة ويقال إن اسمها عنز على رأس حصن لهم يقال له البتيل