الخريف ربيع النفس كما أن الربيع ربيع العين فإنه ميقات الأقوات وموسم الثمار وأوان شباب الأشجار وللنفوس في آثاره مربع وللجسوم بمواقع خيراته مستمتع .
وقد وصفه الصابي فقال الخريف أصح فصول السنة زمانا وأسهلها أوانا وهو أحد الاعتدالين المتوسطين بين الانقلابين حين أبدت الأرض عن ثمرتها وصرحت عن زبدتها وأطلقت السماء حوافل أنوائها وآذنت بانسكاب مائها وصارت الموارد كمتون المبارد صفاء من كدرها وتهذبا من عكرها واطرادا مع نفحات الهواء وحركات الرياح الشجواء واكتست الماشية وبرها القشيب والطائر ريشه العجيب .
ومن كلام ابن شبل كل ما يظهر في الربيع نواره ففي الخريف تجتنى ثماره .
وقال أبو بكر الصنوبري .
( ما قضى في الربيع حق المسرات ... مضيع لحقها في الخريف ) .
( نحن منه على تلقي شتاء ... يوجب القصف أو وداع مصيف ) .
( في قميص من الزمان رقيق ... ورداء من الهواء خفيف ) .
( يرعد الماء فيه خوفا إذا ما ... لمسته يد النسيم الضعيف ) .
وقال ابن الرومي يصفه .
( لولا فواكه أيلول إذا اجتمعت ... من كل فن ورق الجو والماء ) .
( إذا لما حفلت نفسي إذا اشتملت ... علي هائلة الحالين غبراء ) .
( يا حبذا ليل أيلول إذا بردت ... فيه مضاجعنا والريح شجواء )