ينقبض عن كل ما يشينه وإذا خصه بأثرة وتقريب أن يزيد الخاصة والعامة بشرا وإيناسا وإن اتهمه بهفوة لم ينته في إقامة العذر والاحتجاج على براءة الساحة إلى الغاية القصوى بل يتوسط في ذلك ويسأل من حسن الصفح والإقالة وجميل التغمد والعفو ما يجعل للإحسان وجها ولتعقبه للسخط سببا فإنه إذا صدع بالحجة في براءة الساحة فلا وجه لمعذرته وفيه تكذيب لرئيسه وربما أدى إلى فساد ومفاقمة .
ومنها التمسك بآداب الخدمة بالمواظبة عليها وصرف الاهتمام إليها إذ هي أعظم الذرائع إلى نيل الرتب وبلوغ المآرب والسبب الذي يقرب البعداء ويرفعهم على أهل الوسائل والحرم وذوي الموات والخدم ويعمي عن كل شين ويصم عن كل طعن وما نال أحد عند السلطان مرتبة إلا والمواظبة على خدمته سببها والمواصلة موجبها وأولى الناس بلزوم السلطان كتابه الذين لا غنى به عن حضورهم في ليله ونهاره وأحيان شغله وفراغه لأنه ربما بدهه ما يحتاج إلى استكفائه إياه وإسناده إليه وإن تأخر عنه في تلك الحال استدعى من موجدته واستجر من لائمته ما لا يزيله العذر إلا في المدة الطويلة وربما اضطر لغيبته إلى إحضار من يستكفيه ما عرض له وأدى ذلك إلى اصطناعه وتصييره في مقامه وإن كان لا يساويه في فضل ولا علم ولا غناء بخلاف ما إذا وجده مسارعا إلى أمثلته فإن ذلك يزيد في حظوته ويدعو إلى استخلاص مودته .
فيجب عليه أن يخص سلطانه من زمانه بالقسم الأوفر والنصيب الأغزر ولا يؤثر نيل لذة عليه ولا بلوغ وطر إذا أدى إلى تنكره فإن استطاع أن يوافقه على وقت يفرضه له يتمكن فيه من بلوغ أوطاره والوصول إلى مقاصده كان أحمد لعاقبته وأبلغ لقصده وأحسم لأسباب اللائمة في