القسم من المعاظلة كثيرا في كلامه نثرا ونظما وذلك لعدم معرفته لسلوك الطريق كقوله في وصف رجل سخي أنت المريح كبد الريح والمليح إن تجهم المليح بالتكليح عند سائل يلوح بل تفوق إذ تروق مرأى يوح يا مغبوق كاس الحمد يا مصبوح ضاق عن نداك اللوح وببابك المفتوح يستريح ويريح ذو التبريح ويرفه الطليح .
فانظر إلى حرفي الراء والحاء كيف لزمهما في كل لفظة من هذه الألفاظ فجاء على ما تراه من الثقل والغثاثة .
ثم قال واعلم أن العرب الذين هم الأصل في هذه اللغة قد عدلوا عن تكرير الحروف في كثير من كلامهم وذاك أنه إذا تكرر الحرف عنهم أدغموه استحسانا فقالوا في جعل لك جعلك وفي تضربونني تضربوني وكذلك قالوا استعد فلان للأمر إذا تأهب له والأصل فيه استعدد واستتب الأمر إذا تهيأ والأصل فيه استتبب وأشباه هذا كثير في كلامهم حتى إنهم لشدة كراهتهم لتكرير الحروف أبدلوا الحرفين المكررين حرفا آخر غيره فقالوا أمليت الكتاب والأصل فيه أمللت فأبدلوا اللام ياء طلبا للحفة وفرارا من الثقل وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في اللفظة الواحدة فما ظنك بالألفاظ الكثيرة التي يتبع بعضها بعضا .
قلت ليس تكرار الحروف مما يوجب التنافر مطلقا كما يقتضيه كلامه بل بحسب التركيب فقد تتكرر الحروف وتترادف في الكلمات المتتابعة مع القطع بفصاحتها وخفتها على اللسان وسهولة النطق بها ألا ترى إلى قوله تعالى ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) كيف اجتمع فيه ست عشرة ميما في آية واحدة قد