جسيم بتمليكه نفسه لمتحكم في شعره وبشره قادر على نفعه وضره لا يرده عن مقابلته على يسير الخيانة بكبير النكاية إلا ما يؤمل من صفحه ومسامحته ويرجو من عطفه ورأفته وأول ما يجب على المتصل بخدمة السلطان النظر في عواقب أموره وحفظ نفسه من جريرة يجرها عليها بإغفاله فرضا من فروض طاعته وتضييعه المحافظة على حقوق خدمته والعلم بأن لكل مصحوب خلقا يغلب عليه ويرجع بغريزة الطبع إليه لا يمكنه النزوع عنه ولا المفارقة له إذ الانتقال عن الطباع شديد الامتناع في الخدم والأتباع فكيف الملوك والرؤساء الذين لا يقابلون بلوم على خلق مذموم بل العادة جارية في أدب خدمتهم بأن يصوبوا ما يركبونه من خطإ ويحسنوا ما يواقعونه من قبح فعليه أن ينزل عن أخلاقه لأخلاق سلطانه وما خالف سجيته في إصلاح زمانه وأن ينزل عن هواه لهواه ويتبع فيما يسخطه ويأباه ما يؤثره سلطانه ويرضاه وينبغي أن لا يعرض نفسه لما يسقط منزلته ويفسد عاقبته ولا يوجد للزمن طريقا إلى التنكر له ويعينه بتفويق سهامه والتصدي لمواقعها وقد علم أن الزمان وأن عم بنوائبه فإنه يخص صاحب السلطان منها بما يزيد على نصيب غيره ومن أشق الأحوال أن يدفع الإنسان إلى تغير السلطان مع كون السبب في ذلك شيئا جره إلى نفسه بسوء اختياره لما يجتمع عليه في ذلك من مرارة النكبة وحرارة المغبة وتقريع من يزري على عقله ويؤنبه بجهله .
ثم إنه يلزمه بعد الاحتياط فيما تقدم عدة خصال أيضا .
منها الإخلاص وهو قوام الأمر في المصاحبة فإن من صحب سلطانا بعقيدة مدخولة في ولايته مشوبة في محبته لم ينتظم له ولا لسلطانه أمر