ولم يعلموا أن السهل أمنع جانبا وأعز مطلبا وهو أحسن موقعا وأعذب مستمعا ولهذا قيل أجود الكلام السهل الممتنع وكان المفضل يختار من الشعر ما يقل تداول الرواه له ويكثر الغريب فيه .
قال العسكري وهذا خطأ في الاختيار لأن الغريب لم يكثر في كلام إلا أفسده وفيه دلالة على الاستكراه والتكلف .
ووصف الفضل بن سهل عمرو بن مسعدة فقال هو أبلغ الناس ومن بلاغته أن كل أحد يظن أنه يكتب مثل كتبه فإذا رامها تعذرت عليه .
وقال العباس بن ميمون قلت للسيد ألا تستعمل الغريب في شعرك فقال ذلك عي في زماني وتكلف مني لو قلته وقد رزقت طبعا واتساعا في الكلام فأنا أقول ما يعرفه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى تفسير ثم أنشدني .
( أيا رب إني لم أرد بالذي به ... مدحت عليا غير وجهك فارحم ) .
قال في الصناعتين فهذا كلام عاقل يضع الكلام موضعه ويستعمله في إبانه .
ومن كلام بعض الأوائل تلخيص المعاني رفق والتشادق في غير أهل نقص والنظر في وجوه الناس عي ومس اللحية هلك والاستعانة بالغريب عجز والخروج عما بني عليه الكلام إسهاب فأجود الكلام ما كان جزلا سهلا لا ينغلق معناه ولا يستبهم مغزاه ولا يكون مكدودا مستكرها ومتوعرا متقعرا ويكون بريئا من الغثاثة عاريا من الرثاثة فالكلام إذا كان لفظه غثا ومعرضه