عليهم وكانوا يكثرون منه ومن أكثر من شيء عرف به كما أن النابغة ومن تابعه على مذهبه لا يكرهون ضد المبالغة وإلا فكل احتجاج جاء به على النعمان في الاعتذار جار مجرى الحقيقة كقوله .
( حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب ) .
فعائب الكلام الحسن بترك المبالغة فقط مخطيء وعائب المبالغة على الإطلاق غير مصيب وخير الأمور أوساطها .
والتحقيق أن المبالغة إذا لم تخرج عن حد الإمكان ولم تجر مجرى الكذب المحض فإنها لا تذم بحال كقول قيس بن الخطيم .
( طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر ... لها نفذ لولا الشعاع أضاءها ) .
( ملكت بها كفي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها من وراءها ) .
فإن ذلك من جيد المبالغة إذ لم يكن خارجا مخرج الاستحالة مع كونه قد بلغ النهاية في وصف الطعنة وكذلك قول أبي تمام .
( تكاد تنتقل الأرواح لو تركت ... من الجسوم إليها حين تنتقل ) .
فإنه لم يقنع بصحيح المبالغة وقربها من الوقوع فضلا عن الجواز بتقديم كاد حتى قال لو تركت قال وهذا أصح بيت سمعته في المبالغة وأحسنه وعلى حده ورد قول شاعر الحماسة وقد بالغ في مدح ممدوحه فقال .
( رهنت يدي بالعجز عن شكر بره ... وما فوق شكري للشكور مزيد ) .
( ولو كان مما يستطاع استطعته ... ولكن ما لا يستطاع شديد )