فامتطوا من متون أحاسنها الجياد وأوضح لهم طرق الفصاحة فغدت لديهم بحمد الله تعالى سهلة القياد وأحيى ميت الأدب بروح الأنفاس العيسوية وعمر بأنسها ربوعه الخالية وحمى نفس الفضل في رقعة المساجلة أن تصل إليه فرازنة الدعاوى ولا غرو أن حماها العالية والصلاة على رسوله محمد أفصح من نطق بالضاد وأوتي جوامع الكلم فلن تحصر معاني كلامه الأعداد فإني وقفت على البديعية البديعة التي نظمها الفاضل الأرفع واللوذعي المصقع أديب الزمان وشاعر الأوان شرف الدين أبو الروح عيسى العالية أعلى الله تعالى منار أدبه ورفعه على مناويه وبلغ به من قصب السبق ما يمتنع أن يراه على البعد مضاهيه فألفيتها الدرة الثمينة غير أنها لا تسام والخريدة المخدرة إلا أنها لا يليق بها الاحتشام .
( تروم احتشاما ستر لألاء وجهها ... ومن ذا لذات الحسن يخفي ويستر ) .
قد اتخذت من الاحتشام معقلا وحصنا لا يغشى وانتبذت من حسادها مكانا قصيا فلا تخاف دركا ولا تخشى .
( ولم أدر والألفاظ منها شريفة ... إلى البدر تسمو أم إلى الشمس ترتقي ) .
أراد المدعي بلوغ شأوها الجري في مضمارها فقيل كلا ورام الملحد في آياتها الغض منها عنادا فأبى الله إلا .
( ما إن لها في الفضل مثل كائن ... وبيانها أحلى البيان وأمثل ) .
فأمسوا في معارضتها غير طامعين وتلت عليهم آيات بلاغتها ( فظلت أعناقهم لها خاضعين )