الناصري لولده المقام العالي السيفي أحسن الله لهما الاختيار وأجرى بإرادتهما اقتدار الأقدار أن تزف أتم الشموس إلى ستوره الرفيعة وتصان أكمل معاقل العقائل بحجبه المنيعة وتحاط أشرف الدرر في مستودعه وتناط أشرف الدراري بمطلعه وتساق إليه الكريمة حسبا العظمية بأبيه عظم الله سلطانه أبا الذي كم له في خدمة الدولة من القاهرة مناقب كالنجوم ومذاهب تشبه بها البرق فتشبث بأذيال الغيوم ومراتب تقدم فيها على كل نظير قال وما منا إلا من له مقام معلوم من قدره لا يسامى ولا يسام ورأيه لا يرامى ولا يرام وسيفه في غير طاعتنا الشريفة لا يشيم ولا يشام وهو سيف الدولة لا كما يسمى به من استعار هذا اللقب في سالف الأيام كم له في مراضي سلطانه من رغبة بذل بها ما لديه وسمح فيها بولده وهو أحب شيء إليه وجاد بروحه أو بما هو أعز عليه كم نبهت بعزائمه السيوف من سناتها وكم وهبت من مكارمه الأيام ما يعد من حسناتها كم التهبت صوارمه نارا فجرت أنهارا فجرت من جنباتها كم لسماء الملك بشهبه من حرس وبقضبه من قبس وكم قام وقعد في مصلحة وكان أدناهم من ملكه مقاما لما قام وأعلاهم مجلسا لما جلس فسمع المقام العالي السيفي وأطاع وانتهى إلى ما برزت به مراسم والده أنفذها الله وامتثل أمره المطاع وعمل برأيه الشريف وهو ناصر السنة فقدم فيها ما استطاع وسارع إلى ما أمر الله به من الألفة والاجتماع واتبع السنة النبوية في تكثير الأمة بذرية أئمة ملوكية كل واحد منها له الأمة أتباع لعلمه اليقين أنه لو خطب له والده في أقطار الأرض إلى جميع الملوك لم يجد منهم إلا كل ملك عظيم وهو له عبد مملوك فأحيى سنة شريفة ملوكية ما برحت الخلفاء والملوك تحفظ بها قلوب أوليائها على أمداد المدى ويكفي من هذا ميمون فعل المأمون لما