جثمان المرء عما واراه ويبيخ إنسان الطرف رعي حماه يديل من ظلمه الليل ضوء النهار وينم بما استودعته من الأسرار يشرف إلى غيضة قد التفت أشجارها وتهدلت ثمارها ورقصت أغصانها إذ غنت أطيارها واطردت بصافي الزلال أنهارها ونمت بعرف العنبر الشحري أزهارها وقد قامت عرائس النارنج على أرجلها تختال في حليها وحللها قد ألبست من أوراقها خلعا خضرا وحليت من ثمارها تبرا ونظم قداحها في جيادها لؤلؤا رطبا ورنحها نسيم السحر فمالت عجبا وقد مدت في أرضها من البنفسج مفارش سندس فروزت بالجداول كبساط أخضر سلت أيدي القيون عليه صقيلات المعاول وقد حدقت عيون الرقباء من النرجس قائمة عل ساق ولعبت بها يد النسيم فتمايلت كعناق المحبين عند الفراق فاجتليت محيا وسيما تتبلج أسرته ومنظرا جسيما تروق بهجته قد مد السماط بساطا أزرقا بزهر الكواكب مشرقا وطرزه بالشفق طرازا مذهبا وأبدى تحته للأصباح مفرقا أشيبا .
( ورث قميص الليل حتى كأنه ... سليب بأنفاس الصبا متوشح ) .
( ورقع منه الذيل صبح كأنه ... وقد لاح شخص أشقر اللون أجلح ) .
( ولاحت بقيات النجوم كأنها ... على كبد الخضراء نور يفتح ) .
وجنح البدر للغروب فتداعت الكواكب تتبعه كوكبا فكوكبا فكأنه ملك اتخذ المجرة عليه مضربا وتوج بالثريا إكليلا وخنست الكواكب بين يديه توقيرا له وتبجيلا واصطفت حوله خدما وجنودا ونشرت من أشعتها ألوية وبنودا وأخذت مقاماتها في مراكزها كجيوش عبئت للقاء مناجزها ومسابقها أخذ فرصة النصر ومناهزها