الحمد لله الذي أعز السيف وشرف القلم وأفردهما برتب العلياء فقرن لهما بين المجد والكرم وساوى بينهما في القسمة فهذا للحكم وهذا للحكم .
أحمده على أن جمع بخير أمير بعد التفرق شملهما ووصل بأعز مليك بعد التقاطع حبلهما وأرغب إليه بشكر يكاثر النجوم في عديدها ويكون للنعمة على ممر الزمان أبا يزيدها وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له شهادة يأتم الإخلاص بمذهبها ولا ينجو من سيفها إلا من أجاب داعيها وأقربها وأن محمدا عبده ورسوله الذي خص بأشرف المناقب وأفضل المآثر واستأثر بالسؤدد في الدارين فحاز أفخر المعالي ونال أعلى المفاخر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين قامت بنصرتهم دولة الإسلام فسمت بهم على سائر الدول وكرعت في دماء الكفر سيوفهم فعادت بخلوق النصر لا بحمرة الخجل صلاة ينقضي دون انقضائها تعاقب الأيام وتكل ألسنة الأقلام عن وصفها ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام .
وبعد فإنه ما تقارب اثنان في الرتبة إلا تحاسدا ولا اجتمعا في مقام رفعة إلا ازدحما على المجد وتواردا ورام كل منهما أن يكون هو الفائز بالقدح المعلى وأن يكون مفرقه هو المتوج وجيده هو المحلى وادعى كل منهما أن جواده هو السابق في حلبة السباق والفائز بقصب السبق بالاتفاق وأن نجمه هو الطالع الذي لا يأفل وسؤدده هو الحاكم الذي لا يعزل وأن المسك دون عبيره والبحر لا يجيء نقطة في غديره والدر لا يصلح له صدفا ونفيس الجوهر لا يعادله شرفا وأن منابر المعالي موقوفة على قدمه ومجامر المفاخر فائحة بنشر كرمه .
ولما كان السيف والقلم قد تدانيا في المجد وتقاربا وأخذا بطرفي الشرف وتجاذبا إذ كانا قطبين تدور عليهما دوائر الكمال وسعدين يجتمعان في دائرة الاعتدال ونجمين يهديان إلى المعالي ومصباحين