واعتذر عنه بأن المقامات مدارها جميعها على حكاية تخرج إلى مخلص بخلاف المكاتبات فإنها بحر لا ساحل له من حيث أن المعاني تتجدد فيها بتجدد حوادث الأيام وهي متجددة على عدد الأنفاس .
وهذه المقامة التي قدمت الإشارة إليها في خطبة هذا الكتاب إلى أني كنت أنشأتها في حدود سنة إحدى وتسعين وسبعمائة عند استقراري في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة وأنها اشتملت مع الاختصار على جملة جمة من صناعة الإنشاء ووسمتها بالكواكب الدرية في المناقب البدرية ووجهت القول فيها لتقريظ المقر البدري بن المقر العلائي بن المقر المحيوي بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بالديار المصرية يومئذ جعلت مبناها على أنه لا بد للإنسان من حرفة يتعلق بها ومعيشة يتمسك بسببها وأن الكتابة هي الحرفة التي لا يليق بطالب العلم سواها ولا يجوز له العدول عنها إلى ما عداها مع الجنوح فيها إلى تفضيل كتابة الإنشاء وترجيحها وتقديمها على كتابة الديونة وترشيحها