الحق والشهيد على جميع الخلق فأدى إليهم ما استودع من الأمانة وبلغهم ما حمل من الرسالة فلما أنقذ الله به من التورط في الضلالة والتهور في العمى والجهالة وأوضح به المعالم والآثار ونهج به العدل والمنار اختار له ما لديه ونقله إلى ما أعد له في دار الخلود من النعيم الذي لا ينقطع ولا يبيد ثم جعله في لحمته وأهله وراثة بما قلدهم من خلافته في أمته وقدم لهم شواهد ما اختصهم به من الفضيلة وزلفة الوسيلة في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق منها ما أخبر به من تطهيره إياهم ليجعلهم لما اختاره معدنا ومحلا إذ يقول جل وعز ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ومنها ما أمر الله به رسوله من مسألته أمته المودة فقد أوضح لذوي الألباب أنهم موضع خيرته بتطهيره إياهم وأهل صفوته بما افترض من مودتهم وولاة الأمر الذين قرن طاعتهم بطاعته .
ولم يزل الله بعظيم منه وإنعامه يدعم أركان دينه ويشيد أعلام هداه بإعزاز السلطان الذي هو ظله في أرضه وقوام عدله وقسطه والحجاز الذائد لهم عن التظالم والتغاشم والحصن الحريز عند مخوف البوائق وملم النوائب فليس يكيد ولاته المستقلين بحق الله فيه كائد ولا يجحد ما يجب لهم من حق الطاعة جاحد إلا من انطوى على غش الأمة ومحاولة التشتيت للكلمة .
والحمد لله على ما تولى به أمير المؤمنين في البدء والعاقبة من الإدلاء بالحجة والتأييد بالغلبة عند نشوه من حيز وطأة الخفض متبعا لكتاب الله حيث سلك به حكمه مقتفيا سنة رسول الله حيث انسابت أمامه باذلا لله نفسه لا يصده وعيد من تكبر وعتا ولا يوحشه خذلان من أدبر وتولى منتظرا لمن نكث عهده وغدر بيعته والتمس المكر به