وقد تقدم الاحتجاج لذلك بقوله تعالى في قصة بلقيس ( إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) وأنه يحتمل أن يكون قوله ( إنه من سليمن ) حكاية عن قول بلقيس ويكون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) هو أول الكتاب فلا يكون في ذلك حجة على تقدم الاسم على البسملة وإنه إنما يتجه الاحتجاج بذلك على القول بأن قوله ( إنه من سليمن ) من كلام سليمان عليه السلام وإنه إنما قدم اسمه على البسملة وقاية لاسم الله تعالى من حيث أنه كان عادة ملوك الكفر أنهم إذا لم يرضوا كتابا مزقوه أو تفلوا فيه فجعل اسمه حالا محل الوقاية ولا شك أن مثل ذلك لا يجيء هنا لأن المحذور فيه مفقود من حيث إن هذه المناشير إنما تلقى إلى المسلمين القائمين بتعظيم البسملة والموفين لها حقها وحينئذ فيكون لترك استعمالها وجه ظاهر من جهة الشرع بخلاف ما في المكاتبات إلى ملوك الكفر .
وآعلم أن هذه الطغراوات تختلف تركيباتها باعتبار كثرة منتصباتها من الحروف وقلتها باعتبار كثرة آباء ذلك السلطان وقلتهم ويحتاج واضعها إلى مراعاة ذلك باعتبار قلة منتصبات الكلام وكثرتها فإن كانت قليلة أتي بالمنتصبات كما سيأتي بيانه بقلم جليل مبسوط كمختصر الطومار ونحوه لتملأ على قلتها فضاء الورق من قطع الثلثين أو النصف وإن كانت كثيرة أتي بالمنتصبات بقلم أدق من ذلك كجليل الثلث ونحوه آكتفاء بكثرة المنتصبات عن بسطها .
ثم تختلف الحال في طول المنتصبات وقصرها باعتبار قطع الورق فتكون منتصباتها في قطع النصف دون منتصباتها في قطع الثلثين .
ثم قد آصطلح واضعوها على أن يجعلوا لها هامشا أبيض من كل من الجانبين بقدر إصبعين مطبوقين وطرة من أعلى الوصل قدر ثلاثة أصابع مطبوقة .
ثم إن كانت في قطع النصف جعلت منتصباتها مع تصوير الحروف بأسفلها