ملكهم داخلا ووصلنا البلاد وبها أجناد عددهم كثير وسوادهم كبير وأموالهم واسعة وكلمتهم جامعة وهم على حرب الإسلام أقدر منهم على حرب الكفر والحيلة في السر منهم أنفذ من العزيمة في الجهر وبها راجل من السودان يزيد على مائة ألف رجل كلهم أغتام أعجام إن هم إلا كالأنعام لا يعرفون ربا إلا ساكن قصره ولا قبلة إلا ما يتوجهون إليه من ركنه وبها عسكر من الأرمن باقون على النصرانية موضوعة عنهم الجزية كانت لهم شوكة وشكة وحمية وحمة ولهم حواش لقصرهم من بين داع تلطف في الضلال مداخله وتصيب العقول مخاتله ومن بين كتاب أقلامهم تفعل افعال الأسل وخدام يجمعون إلى سواد الوجوه سواد النحل ودولة قد كبر عليها الصغير ولم يعرف غيرها الكبير ومهابة تمنع خطرات الضمير فكيف لحظات التدبير .
هذا إلى إستباحة للمحارم ظاهرة وتعطيل للفرائض على عادة جارية وتحريف للشريعة بالتأويل وعدول إلى غير مراد الله في التنزيل وكفر سمي بغير اسمه وشرع يتستر به ويحكم بغير حكمه .
فما زلنا نسحتهم سحت المبارد للشفار ونتحيفهم تحيف الليل والنهار للأعمار بعجائب تدبير لا تحتملها المساطير وغرائب تقرير لا تحملها الأساطير ولطف توصل ما كان في حيلة البشر ولا قدرتهم إلا إعانة المقادير وفي أثناء ذلك استنجدوا علينا الفرنج دفعة إلى بلبيس ودفعة إلى دمياط في كل منهما وصلوا بالعدو المجهر والحشد الأوفر وخصوصا في نوبة دمياط فإنهم نازلوها بحرا في ألف مركب مقاتل وحامل وبرا في مائتي ألف فارس وراجل وحصروها شهرين يباكرونها ويراوحونها ويماسونها ويصابحونها القتال الذي يصليه