بعدها لاحقة يتعاورها الكسر الذي يزحزح أوقات العبادات عن مواضعها ولا يدرك عملها إلا من دق نظره واستفرغت في الحساب فكره والسنة العربية تقطع بخناجر أهلتها الاشتباه وترد شهورها حالية بعقودها موسومة الجباه وإذا تقاعست السنة الشمسية عن أن تطأ أعقابها وتواطي حسابها اجتذبت قراها قسرا وأوجبت لحقها ذكرا وتزوجت سنة الشمس سنة الهلال وكان الهلال بينهما مهرا فسنتهم المؤنثة وسنتنا المذكرة وآية الهلال هنا دون آية الليل هي المبصرة وفي السنة العربية إلى ما فيها من عربية الإفصاح وراحة الإيضاح الزيادة التي تظهر في كل ثلاث وثلاثين سنة توفي على عدد الأمم قطعا وقد أشار إليها بقوله ( ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا ) وفي هذه السنة الزائدة زيادة من لطائف السعادة ووظائف العبادة لأن أهل ملة الإسلام يمتازون على كل ملة بسنة في نظير تلك المدة قصدوا صلاتها وأدوا زكاتها وحجوا فيها البيت العتيق الكريم وصاموا فيها الشهر العظيم واستوجبوا فيها الأجور الجليلة وأنست فيها أسماعهم بالأعمار الطويلة ومخالفوهم فيها قد عطلت صحائفهم في عدوانهم وإن كانت عاطلة وخلت مواقفهم في أديانهم وإن لم تكن قط أهلة .
وقد رأينا باستخارة الله سبحانه والتيمن باتباع العوائد التي سلكها السلف ولم تسلك فيها السرف أن ينسخوا أسماءها من الخراج ويذهب ما بين السنين من الاضطراب والاعوجاج لا سيما والشهور الخراجية قد وافقت في هذه الشهور الشهور الهلالية وألقى الله في أيامنا الوفاق بين الأيام كما ألقى باعتلائنا الوفاق بين الأنام وأسكن بنظرنا ما في الأوقات من اضطراب وفي القلوب من اضطرام .
فليستأنف التاريخ في الدواوين المعمورة لاستقبال السنة المذكورة بأن توسم بالهلالية الخراجية لإزالة الالتباس ولإقامة القسطاس وإيضاحا لمن أمره عليه غمة من الناس وعلى