قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية لا يمتنع وقوعه في وقت من الأوقات فإن عرض له موجب راعى الكاتب فيه صورة الحال وكتب على ما يوجبه المقام وتقتضيه تلك الوقعة .
الصنف الثاني والعشرون ما يكتب مع الإنعام لنواب السلطنة بالخيل والجوارح وغيرها من أنواع الإنعامات وهذا الصنف من المستعمل في زماننا كل وقت .
فأما ما يكتب مع الإنعام بالخيل فقد جرت العادة أن السلطان ينعم بالخيل على نواب السلطنة بالشام ويكتب بذلك مثالات شريفة إليهم وربما أنعم بالخيل وكتب بها في غير ذلك .
وهذه نسخة مثال شريف من ذلك .
ضاعف الله تعالى نعمة الجناب وخصه من النعم بما لا تحصى له آثار ولا يتعلق له بغبار ولا يوصف بحال واحدة لأنه إن جرى فبحر وإن وقف فنار .
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي بكل سلام لا تدرك لسوابقه غاية ولا تحصى له نهاية ولا يرد منه كل ما جاء وله في وجهه كفلق الصبح آية ولا يتقدم في ميدان إلا وقد حمل له في كل مكان راية وتوضح لعلمه الكريم أنه قد جهز له قرينها ما جرت به عادته من الحصن التي لا يدعي البرق أنه لها نظير ولا تجاري الرياح من سوابقها ما يطير كم لها في ميدان مجال وكم لها في رؤية دوية ارتجال وكم دعي الوغى بها على كل ضامر فأتت رجالا تقدح سنابكها نارا وتفيض جوانبها من الركض عقارا ويتكفل بديعها بكل مرام وتعطي ما في يديها لأنها من الكرام وقد تشرفت من نعمنا الشريفة بالسروج واللجم والعدة المكملة وتحلت من الذهب والفضة ما يغني بجملته المفصلة وأرسلناها إليه ترقص في أعنتها زهوا وتترك بطيب صهيلها كل بحر تخوضه إلى المنايا رهوا وتوجه بها فلان كالعرائس المجلوة في حللها والنجوم لولا ما تميزت به من حلي عطلها والسحاب إلا أنها لا تحتاج منة الرياح في تنقلها