قال وينبغي للكاتب أن يتلطف في الموعظة ويبالغ في الذكرى التي تخطر الخواطر وتقدح الأنفس وتحرك العزائم نحو الإخلاص فإنه إذا أبرز هذه المعاني في صور تشعر الخيفة من غضب الله تعالى وعقابه وترغب في عفوه وثوابه نفع الله بذلك من رغب عن الهوى ورغب في التقوى بكتابه .
قال والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله تعالى على آلائه التي يفيضها ابتلاء واختبارا وآياته التي يرسلها تخويفا وإنذارا وموهبته في التوقيف بسابغ نعمته على طاعته والتحذير بدافع نقمته من معصيته والصلاة على رسوله الذي أنقذ بشفاعته وعصم من نزول القوارع بنبوته ثم يقدم مقدمة تتضمن أن الله تعالى يقدم الإعذار أمام سخطه وعذابه ويبدأ بالإنذار قبل غضبه وعقابه فمن استيقظ من سنته ونظر لعاقبته ونهض إلى طاعته وأقلع عن معصيته كشف الرين عن قلبه وضاعف أجره ومن أضرب عن موعظته وتعامى عن تبصيره وتذكيره أخذه على غرته وسلبه سربال نعمته .
ثم يأخذ في حث الأمة على الفزع إلى الصلوات والمسارعة إلى بيوت العبادات والإكثار من التضرع والخشوع والاستكانة والخنوع بإذراء سحائب الدموع وإخلاص التوبة عن محتقب الآثام ومخترع الأوزار والتوسل إلى الله تعالى في قبول الإنابة بقلوب نقية وطويات على الطهارة مطوية وسرائر صريحة ونيات صحيحة يصدقها الندم على الماضي وعقد العزم على الإقلاع في الآتي والرغبة إليه في رفع سخطه وإنزال رحمته وما يجاري هذا .
قلت وهذا الصنف من المكاتبات قد ترك في زماننا فلا عناية لأحد به أصلا وإن كان مما يجب الاهتمام به وتقديمه