بطرا وحين ذكر فلم تنفعه الذكرى وفكر فلم يتيسر لليسرى امتثلنا فيه أمر الله تعالى المرتب على قوله ( فإن بغت أحداهما على الاخرى ) فأزمعنا قدعه وأجمعنا رده وردعه وفي أثناء ذلكم وصل إلينا أيضا سلطان الأندلس مستغيثا على النصارى اعداء الله جيرانه على طاغيتهم المصر على عداوته وعداوتهم فجهزنا معه ولدنا عبد الواحد في أربعة آلاف من الأبطال وأمددناهم بما كفاهم من الطعام والعدة والمال فأجاز من سبتة إلى الخضراء عجلا ولم يقدم على منازلة جبل الفتح عملا وكان هذا الجبل الخطير شأنه منذ استولى عليه العدو قصمه الله في سنة تسع وستين شجا في لهوات أهل العدوتين وغصة لنفوس الساكنين بالجهتين لإطلاله عليهما وإرساله جوارح جواريه إليهما تحطف من رام العبور ببحر الزقاق وما يقرب الملجأ إلى هذا المعقل المستقر من اللحاق فكم أرمل وأيتم وأثكل وأيم فأحاطت به العاديات السوابح برا وبحرا وأذاقت من به من أهماج الأعلاج شرا وحصرا إلى أن أسلموا للمسلمين قهرا وقسرا ومنح الله حزبه المؤمنين فتحا ونصرا وسمع الطاغية الغادر إجابة الله تعالى بأمره فطار بما قدر عليه من حشوده وجنوده إلى إغاثته ونصره فوصله بعد ثمانية أيام من تسليمه للإسلام فنزل بخيله ورجله إزاءه واقسم بمعبوده لا يبرح فناءه حتى يعيد إليه دينه أو يلقى منونه دونه فأكذب الله زعمه وأوهن عزمه وأحنث يمينه واقلع بعد شهرين وأيام مدلجا واسرع العود إلى مستقره واسأله كيف نجا وكان ذلك سبب إنابته للسلم وانقياده وإجابته لترك ما كان له على أصحاب غرناطة من معتاده وكانوا يعطونه ما ينيف على الأربعين ألفا من