الفرنج ويخبره بما وقع له من الفتوحات في سنة أربع وثمانين وخمسمائة .
وهي أصدرنا هذه المكاتبة إلى المجلس ومما تجدد بحضرتنا فتوح كوكب وهي كرسي الإستبارية ودار كفرهم ومستقر صاحب أمرهم وموضع سلاحهم وذخرهم وكان بمجمع الطرق قاعدا ولملتقى السبل راصدا فتعلقت بفتحه بلاد الفتح واستوطنت وسلكت الطرق فيها وأمنت وعمرت بلادها وسكنت ولم يبق في هذا الجانب إلا صور ولولا أن البحر ينجدها والمراكب تردها لكان قيادها قد أمكن وجماحها قد أذعن وما هم بحمد الله في حصن يحميهم بل في سجن يحويهم بل هم أسارى وإن كانوا طلقاء وأموات وإن كانوا أحياء قال الله D ( فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم غدا ) ولكل امريء أجل لا بد أن يصدقه غائبه وأمل لا بد أن يكذبه خائبه .
وكان نزولنا على كوكب بعد أن فتحنا صفد بلد الديوية ومعقلهم ومشتغلهم وعملهم ومحلهم الأحصن ومنزلهم وبعد أن فتحنا الكرك وحصونه والمجلس السيفي أسماه الله أعلم بما كان على الإسلام من مؤونته المثقلة وقضيته المشكلة وعلته المعضلة وأن الفرنج لعنهم الله كانوا يقعدون منه مقاعد للسمع ويتبوأون منه مواضع للنفع ويحولون بين قات وراكبها فيذللون الأرض بما كان منه ثقلا على مناكبها .
والآن ما أمن بلاد الهرمين بأشد من بلاد الحرمين فكلها كان مشتركا في نصرة المسلمين بهذه القلعة التي كانت ترامي ولا ترام وتسامي ولا تسام وطالما استفرغنا عليها بيوت الأموال وأنفقنا فيها أعمار الرجال وقرعنا الحديد بالحديد إلى أن ضجت النصال من النصال والله المشكور على ما انطوى من كلمة الكفر وانتشر من كلمة