الملك المتقي المشفق من قومه على من بقي المفكر في العواقب بالرأي الثاقب وإلا فلو تركوا وآراءهم حتى تحملهم الغرة لكانت تكون هذه هي الكرة لكن هو كمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فلم يوافق قول من ضل ولا فعل من غوى .
وأما القول منه إنه لا يحب المسارعة إلى المقارعة إلا بعد إيضاح المحجة وتركيب الحجة فبانتظامه في سلك الإيمان صارت حجتنا وحجته متركبة على من غدت طواغيته عن سلوك هذه المحجة متنكبة فإن الله سبحانه وتعالى والناس كافة قد علموا أن قيامنا إنما هو لنصرة هذه الملة وجهادنا واجتهادنا إنما هو الله وحيث قد دخل معنا في الدين هذا الدخول فقد ذهبت الأحقاد وزالت الذحول وبارتفاع المنافرة تحصل المظافرة فالإيمان كالبنيان يشد بعضه ببعض ومن أقام مناره فله أهل بأهل في كل مكان وجيران بجيران بكل أرض .
وأما ترتيب هذه الفوائد الجمة على إذكار شيخ الإسلام قدوة العارفين كمال الدين عبد الرحمن أعاد الله تعالى من بركاته فلم ير لولي قبله كرامة كهذه الكرامة والرجاء ببركته وبركة الصالحين أن تصبح كل دار إسلام دار إقامة حتى تتم شرائط الإيمان ويعود شمل الإسلام مجتمعا كأحسن ما كان ولا ينكر لمن بكرامته ابتداء هذا التمكين في الوجود أن كل حق ببركته إلى نصابه يعود .
وأما إنفاذ أقضى القضاة الملة والدين والأتابك بهاء الدين الموثوق بنقلهما في إبلاغ رسائل هذه البلاغة فقد حضروا وأعادا كل قول حسن من أحوال أحواله وخطرات خاطره ومسطرات ناظره ومن كل ما يشكر