المثل السائر رب واثق خجل وأسباب ثمرة الهوى الذي ما زال يجمح براكبه ويريه سوء عواقبه وعلم أنه لم يخط فيما شرع فيه واستمرت على الخطأ أواخره ومباديه إلا بوعد أخلف ومال أتلف وخطر ارتكب وصواب تنكب وحزم أضيع وهوى أطيع حتى كان قصاراه دفع اللائمة عنه فإنه أوصل الحجيج إلى مقصودهم وأعادهم وأحسن التواصل حتى أدركوا من أداء الفريضة مرادهم وهل اعترض دون هذا الأمر مانع أو كان عنه دافع لولا ما صوره من الأسباب التي أفسد بها الأمور وأوغر بمكانها الصدور وكفل بعد ما قرره من ذلك ومهده ما عكسه سفه الرأي عليه وأبعده العجز عن الوصول إليه وأي عذر في هذا المقام يستمع أم أي لائمة عنه تندفع وقد جرت الحال على ما علم وتحدث بانخراق حجاب الهيبة كل لسان ناطق وفم ووقع الاتفاق من كافة الحاج على أن تمسك نائب مكة بطلب الرضا وتكفيل خصمه باستدراك ما تلف من التفريط في معايشه ومضى ونظره في العاقبة التي ينظر فيها ذوو الألباب وعمله بما أصدره الديوان العزيز من مكاتبة أمر فيها بالطاعة وخطاب وهو الذي لأم النوبة وشعبها وسهل عسيرها ومستصعبها ولو افتقرت إلى سعي أمير الحاج واجتهاده وإبراقه بعسكره وإرعاده لكان الحج ممتنعا والخطر العظيم متوقعا ولم يحصل الوفد إلا على التغرير بالنفوس والجود منها بكل مضنون به منفوس ثم عرب الطريق الذي ما زال أمير الحاج في حقهم خاطبا ولإكرامهم بالقول المتكرر طالبا وجاعلا ما لعله يتأخر من رسم أحدهم من دواعي الخطر في سلوك الطريق المردية وموجبات الفساد في المناهل والأودية يتلو من النهب والاجتياح والأذى العائد على فاعله بالاقتراف العظيم الوزر والاجتراح بما يؤلم شجاعة القلوب ويحرقها ويبكي العيون ويؤرقها ولقد انتهى أن العسكر المنفذ أمامه كان يتنقل في هضاب البرية وغيطانها وينقب عن منازل العرب وأوطانها فيستقري أحياءهم حيا فحيا ويتخلل الفجاج فجا ففجا فإذا شارفوا قبيلة منهم طلب النجاة منهم بالحشاشات رجالها وأسلمت إليهم نساؤها وأطفالها