( وجاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ) ( وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) .
كانت نعمة من الله يمنها على المملوك أن التجبه من بين أهل أرضه وانتخبه لإقامة ما أمات الباطل من فرضه ويسره لما يسره من نصرة الحق وأهله وبشره بما بشره من لواء النصر ومد من ظله وألهمه الهمة التي افترع منها بكرا ومنحه النصرة فما يستطيع العدو صرفا ولا نصرا مكنه من صياصيهم فحلها ومن دمائهم فطلها ومن سيوفهم ففلها ومن أقدامهم فاستزلها ومن منابر دعاتهم فجعل تداعيها ومن أنفس أعدائهم أكثر تناعيها وأبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ويسر الذين كتب لهم العفو إلى منافعهم ونثر خرزات الملك من تيجانها وفضح على يده وبلسانه ما زورته من أنسابها وحاسبها فأظهر زيف حسابها ونقلها من ظهور أسرتها إلى بطون ترابها وعمد إلى أهل دعوتها الذين بسقوا بسوق النخل فأعلاهم على جذوعها وحملت قلوبهم فوف الحقد فأخرجها من أكمام طلوعها فهل ترى لهم من باقية أو تسمع لهم من لاغية أو تجد إليهم من صاخية فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم أو مساكينهم وحصدوا حصد الحشيش ثم لا تخاف سيوفهم ولا سكاكينهم واستنزلوا من عقاب اللوح وسجنوا في الهم من طول مداومة عقاب الروح ثم تداركوا إلى الدرك واشتركوا في الشرك وأقفرت منهم عراص وزهدت فيهم خواص وعلم أن ليس لله غالب وأن ليس يفوته طالب وأن الملك لله وحد وأن الويل لمن تجاوز أمره وحده