وإسقاطا لحجة أدبهم قال ابن عبد ربه فامتثل هذه المذاهب وأجر عليها القوم .
قال في مواد البيان وذلك أن المعاني التي يكتب فيها وإن كان كل منها جنسا بعينه كالتهنئة والتعزية والاعتذار والعتاب والاستظهار ونحو ذلك فإنه لا يجوز أن يخرج المعنى لكل مخاطب على صيغة واحدة من اللفظ بل ينبغي أن يخرج في الصيغة المشاكلة للمخاطب اللائقة بقدره ورتبته ألا ترى أنك لو خاطبت سلطانا أو وزيرا بالتعزية عن مصيبة من مصائب الدنيا لما جاز أن تبني الكلام على وعظه وتبصيره وإرشاده وتذكيره وحضه على الأخذ بحظ من الصبر ومجانبة الجزع وتلقي الحادثات بالتسليم والرضا وإنما الصواب أن تبني الخطاب على أنه أعلى شانا وأرفع مكانا وأصح حزما وأرجح حلما من أن يعزى بخلاف المتأخر في الرتبة فإنه إنما يعزى تنبيها وتذكيرا وهداية وتبصيرا ويعرف الواجب في تلقي السراء بالشكر والضراء بالصبر ونحو ذلك .
وكذلك إذا كاتبت رئيسا في معنى الاستزادة والشكوى لا يجوز أن تأتي بمعناهما ألفاظهما الخاصة بل يجب أن تعدل عن ألفاظ الشكوى إلى ألفاظ الشكر وعن ألفاظ الاستزادة إلى ألفاظ الاستعطاف والسؤال في النظر لتكون قد رتبت كلامك في رتبته وأخرجت معناك مخرج من يستدعي الزيادة لا من يشكو التقصير .
قال ابن شيث في معالم الكتابة ولا يخاطب السلطان في خلال الكتابة إليه بسيدنا مكان مولانا فإن سيدنا كأنها خصصت بأرباب المراتب