أيها الناس ارعووا وارجعوا إنكم أصبحتم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم وجارت بكم عن قصد المحجة فيا لها فتنة عمياء صماء بكماء لا تسمع لناعقها ولا تسلس لقائدها إن المصباح لا يضيء في الشمس والكواكب لا تنير مع القمر ولا يقطع الحديد إلا الحديد ألا من استرشد أرشدناه ومن سألنا أخبرناه .
أيها الناس إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها فصبرا يا معاشر المهاجرين والأنصار على الغصص فكأن قد اندمل شعب الشتات والتأمت كلمة التقوى ودمغ الحق باطله فلا يجهلن أحد فيقول كيف العدل وأنى ليقضي الله أمرا كان مفعولا ألا وإن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء ولهذا اليوم ما بعده والصبر خير في عواقب الأمور إيها لحرب قدما غير ناكصين ولا متشاكسين .
ثم قال لها يا زرقاء لقد شركت عليا في كل دم سفكه قالت أحسن الله بشارتك وأدام سلامتك فمثلك من بشر بخير وسر جليسه قال ويسرك ذلك قالت نعم سررت بالخبر فأنى لي بتصديق الفعل فضحك معاوية وقال لوفاؤكم له بعد موته أعجب عندي من حبكم له في حياته اذكري حاجتك قالت يا أمير المؤمنين آليت على نفسي أن لا أسأل أميرا أعنت عليه أبدا ومثلك من أعطى من غير مسألة وجاد من غير طلبة قال صدقت وأمر لها وللذين جاءوا معها بجوائز وكسا .
وقريب من ذلك كلام عكرشة بنت الأطرش يوم صفين أيضا .
يروى أنها دخلت على معاوية متوكئة على عكاز لها فسلمت عليه بالخلافة ثم جلست فقال لها معاوية الآن صرت عندك أمير المؤمنين قالت نعم إذ لا علي حي قال ألست المتقلدة حمائل السيف بصفين وأنت واقفة بين الصفين تقولين أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إن الجنة لا يحزن من قطنها ولا يهرم من سكنها ولا