لهم فإذا أقحطوا أكل بعضهم بعضا فمر بهم ولم يعترضهم .
واعلم أنه قد ذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ علاء الدين بن النعمان أن التجار المترددين إلى بلاد الديار المصرية لا يتعدون في سفرهم بلاد البلغار ثم يرجعون من هناك ثم تجار بلغار يسافرون منها إلى بلاد جولمان وتجار جولمان يسافرون إلى بلاد بوغزة التي ليس بعدها عمارة .
وقد ذكر في تقويم البلدان أن شمالي بلاد الروس مما هو متصل بالبحر المحيط الشمالي قوما يبايعون مغايبة .
وذكر عن بعض من سافر إلى تلك البلاد أنه إذا وصل التجار إلى تخومهم أقاموا حتى يعلموا بهم ثم يتقدمون إلى مكان معروف عندهم بالبيع والشراء فيضع كل تاجر بضاعته ويعلمها بعلامة ثم يرجعون إلى منازلهم ثم يحضر أولئك القوم ويضعون مقابل تلك البضائع السمور والوشق والثعلب وما شاكل ذلك ويدعونه ويمضون ثم يحضر التجار من الغد فمن أعجبه ذلك أخذه وإلاتركه حتى يتفاصلوا على الرضا .
وقد تقدم ذكر مثل ذلك عن قوم بالهند وعن قوم ببلاد السودان في الكلام على مملكة مالي .
قلت وقد تقدم في الكلام على مملكة خوارزم والقبجاق من مملكة التورانيين في القسم الثاني منها أن الجركس والروس والاص أهل مدن عامرة اهلة وجبال مشجرة مثمرة ينبت عندهم الزرع ويدر الضرع وتجري الأنهار وتجنى الثمار ولا طاقة لهم بسلطان تلك البلاد .
وإن كان فيهم ملوك فهم كالرعايا لصاحب السراي إن داروه بالطاعة والتحف والطرف كف عنهم وإلا شن عليهم الغارات وضايقهم وحاصرهم