الجملة الثامنة في ترتيب هذه المملكة .
أما جلوس السلطان في قصره فإنه يجلس على مصطبه كبيرة على دكة كبيرة من ابنوس كالتخت على قدر المجلس العظيم المتسع عليها أنياب الفيلة في جميع جوانبها الناب إلى الناب وعنده سلاح له من ذهب كله سيف ومزراق وقوس وتركاش ونشاب وعليه سراويل كبير مفصل من نحو عشرين نصفية لايلبس مثله أحد منهم بل هو من خصوصيته ويقف خلفه نحو ثلاثين مملوكا من الترك وغيرهم ممن تبتاع له من مصر بيد واحد منهم جتر من حرير عليه قبة وطائر من ذهب صفة بازي يحمل على يساره وأمراؤه جلوس حوله يمنيا وشمالا ثم دونهم أعيان من فرسان عسكره جلوس وبين يديه شخص يغني له وهو سيافه واخر سفير بينه وبين الناس يسمى الشاعر وتنهى إليه الشكاوى والمظالم فيفصلها بنفسه ولا يكتب شيئا في الغالب بل يأمر بالقول بلسانه وحوله أناس بأيديهم طبول يدقون بها وأناس يرقصون وهو يضحك منهم وخلفه صنجقان منشوران وأمامه فرسان مشدودان محصلان لركوبه متى أحب ومن عطس في مجلسه ضرب ضربا مؤلما لا يسامح أحد في مثل ذلك فإن بغت أحدا منهم العطاس انبطح في الأرض وعطس حتى لا يعلم به .
أما الملك فإنه إذا عطس ضرب الحاضرون بأيديهم على صدورهم .
ولا يدخل أحد دار السلطان منتعلا كائنا من كان ومن لم يخلع نعليه قتل بلا عفو عامدا كان أو ساهيا وإذا قدم عليه أحد من أمرائه أو غيرهم وقف أمامه زمانا ثم يومي القادم بيده اليمنى مثل من يضرب الجوك ببلاد توران وإيران من بلاد المشرق .
وصفة ذلك أن يكشف مقدم رأسه ويرفع الذي يضرب الجوك يده اليمنى إلى قريب أذنه ثم يضعها وهي قائمة منتصبة ويلقيها بيده اليسرى فوق فخذه واليد اليسرى مبسوطة الكف لتلقي مرفق اليمنى مبسوطة الكف مضمومة الأصابع بعضها إلى جانب بعض كالمشط تماس شحمة الأذن .
قال ابن أمير حاجب وقد رأيت هذا عند خدمتهم للسلطان موسى لما قدم الديار المصرية .
فإذا أنعم على أحد بإنعام أو وعده وعدا