الخوارج فاجتمع عليه جماعة منهم فلما بلغوا أربعين رجلا قدموا عليهم يزيد بن الأسود وخلعوا طاعة الخلفاء واختطوا هذه المدينة سنة أربعين ومائة من الهجرة .
ولها اثنا عشر بابا وهي كثيرة العمارة كثيرة البساتين رائقة البقاع ذات قصور ومنازل رفيعة وعمارات متصلة على نهر كثير الماء يأتي من جهة المشرق من الصحراء يزيد في الصيف كزيادة النيل ويزرع على مائة كما يزرع على ماء النيل والزرع عليه كثير الأصابة والمطر عندهم قليل فإذا كانت السنة كثيرة الأمطار نبت لهم ما حصدوه في العام السابق من غير بذر وربما حصدوه عند تناهيه وتركوا أصوله فتنبت ثانيا .
ويقال يزرع بها عاما ويحصد ثلاثة أعوام وذلك أن أرضها مشقة وهي بلدة شديدة الحر فإذا يبس الزرع تناثر عند الحصاد ودخل في الشقوق فإذا كان العام الثاني وعلاه ماء النهر وخرج عنه حرثوه بلاد بذر فينبت ما في الشقوق ويبقى كذلك ثلاث سنين .
وقد حكى ابن سعيد أن هذا الزرع في السنة الأولى يكون قمحا وفي باقي السنين سلتا وهو حب بين القمح والشعير وبها الرطب والتمر والعنب الكثير والفواكه الجمة وليس فيها ذئاب ولا كلاب لأنهم يسمنونها ويأكلونها وقلما يوجد فيها صحيح العينين ولا يوجد بها مجذوم ولها ثمانية أبواب من أي باب منها خرجت ترى النهر والنخيل وغير ذلك من الشجر وعليها وعلى جميع بساتينها حائط يمنع غارة العرب مساحته أربعون ميلا وثمرها يفضل ثمر سائر بلاد المغرب حتى يقال إنه يضاهي الثمر العراقي وأهلها مياسير ولها متاجر إلى بلاد السودان يخرجون إليها بالملح والنحاس والودع ويرجعون منها بالذهب التبر .
قال ابن سعيد رأيت صكا لأحدهم على اخر مبلغه أربعون ألف دينار .
ولما قدموا عليهم عيسى بن الأسود المقدم ذكره أقام عليهم أياما ثم قتلوه