وقد حكى ابن النجار في تاريخ المدينة أن أول من كسا الحجرة الشريفة الثياب الحسين بن أبي الهيجاء صهر الصالح طلائع بن رزيك وزير العاضد والعاضد آخر الخلفاء الفاطميين عمل لها ستارة من الدبيقي الأبيض عليها الطرز والجامات المرقومة بالإبريسم الأصفر والأحمر مكتوب عليها سورة يس بأسرها والخليفة العباسي يومئذ المستضيء بأمر الله .
ولما جهزها إلى المدينة امتنع قاسم بن مهنا أمير المدينة يومئذ من تعليقها حتى يأذن فيه المستضيء فنفذ الحسين بن أبي الهيجاء قاصدا إلى بغداد في استئذانه في ذلك فأذن فيه فعلقت الستارة على الحجرة الشريفة نحو سنتين ثم بعث المستضيء ستارة من الإبريسم البنفسجي عليها الطرز والجامات البيض المرقومة وعلى دور جاماتها مرقوم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى طرازها اسم الإمام المستضيء بالله فقلعت الأولى ونفذت إلى مشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالكوفة وعلقت ستارة المستضيء مكانها ثم عمل الناصر لدين الله في خلافته ستارة أخرى من الإبريسم الأسود فعلقت فوق تلك ثم عملت أم الخليفة الناصر بعد حجها ستارة على شكل ستارة ابنها المتقدمة الذكر فعلقت فوق الستارتين السابق ذكرهما .
قال ابن النجار ولم يزل الخلفاء في كل سنة يرسلون ثوبا من الحريرالأسود عليه علم ذهب يكسي به المنبر قال ولما كثرت الكسوة عندهم أخذوها فجعلوها ستورا على أبواب الحرم ولم يزل الأمر على ذلك إلى حين انقراض الخلافة من بغداد فتولى ملوك الديار المصرية ذلك كما تولوا كسوة الكعبة على ما تقدم ذكره