وكلما نقص من ذلك نقص من كتابته بقدره وأن يكون عالما بقدر طبقة المكتوب إليه في معرفة اللسان العربي فيخاطب كل قوم على قدر رتبتهم في ذلك وما يعرف من فهمهم .
الثالث كاتب يكتب مكاتبات أهل الدولة وكبرائها وولاتها ووجوهها من النواب والقضاة والكتاب والمشارفين والعمال وإنشاء تقليدات ذوي الخدم الصغار والأمانات وكتب الأيمان والقسامات قال وهي وإن كانت دون الرتبتين المتقدمتين فهي جليلة الخطر عالية القدر ويجب أن يكون لاحقا برتب الخدمة منها وأن يكون مأمونا على الأسرار كاف اليد نزه النفس عن العرض الدنيوي لأنه يطلع على اكثر ما يجري في الدولة ويعلم بالوالي قبل توليه والمصروف قبل صرفه ويكون مع ذلك سريع اليد في الكتابة حسن الخط إذ كان هذا الفن أكثر ما يستعمل ولا يكاد يقل في وقت من الأوقات .
الرابع كاتب يكتب المناشير والكتب اللطاف والنسخ قال وهذه المنزلة لاحقة بالمنزلة التي قبلها وكأنها جزء منها ويجب أن يكون هذا الكاتب مأمونا كتوما للسر فيه من الأدب ما يأمن معه من الخطإ واللحن في لفظه وخطه ويكون حسن الخط أو بالغا فيه القدر الكافي ولكن لما كان هذا الشغل واسعا وهو أكثر عمل الديوان والذي لا ينفك منه لم يكد يستقل به رجل واحد فيحتاج إلى معاضدته بآخر يكون دونه في المنزلة ويجعل برسم تسطير المناشير والفصول المتقدمة إلى المقيمين بالحضرة وكتابة تذاكر المستخدمين ونقلها مما يمليه صاحب الديوان ويصدر عنه في نسخ تكون مخلدة فيه لا تغادر المبيضة بحرف لتكون موجودة متى احتيج إليها .
الخامس كاتب يبيض ما ينشئه المنشيء مما يحتاج إلى حسن الخط كالعهود والبيعات ونحوها قال الصوري لما كانت البلاغة التامة التي يصلح صاحبها للإنشاء وحسن الخط قلما يجتمعان في أحد وجب أن يختار للديوان