ولا يجب للعاقل أن يغتم لأن الغم لا ينفع وكثرته تزري بالعقل ولا أن يحزن لأن الحزن لا يرد المرزئة ودوامه ينقص العقل .
والعاقل يحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع الأمر قبل أن يقع فيه فإذا وقع فيه رضى وصبر والعاقل لا يخيف أحدا أبدا ما استطاع ولا يقيم على خوف وهو يجد منه مذهبا وإذا خاف على نفسه الهوان طابت نفسه عما يملك من الطارف والتالد مع لزوم العفاف إذ هو قطب شعب العقل .
أنشدني المنتصر بن بلال بن المنتصر الأنصاري ... أولست تأمر بالعفاف وبالتقى ... وإليه آل الأمر حين يؤول ... فإن استطعت فخذ بعقلك فضلة ... إن العقول يرى لها تفضيل ... .
أخبرنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني بالكرج حدثنا محمد بن علي الطاحي حدثنا عمرو بن عثمان الخزاز الحرانى حدثنا مفضل بن صالح قال على لما أهبط الله آدم من الجنة أتاه جبريل فقال إنى أمرت أن أخيرك في ثلاثة فاختر واحدة ودع إثنتين فقال آدم وما الثلاث فقال الحياء والدين والعقل فقال آدم فإني قد أخترت العقل قال فقال جبريل للحياء والدين أنصرفا ودعاه فقالا إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان ثم عرج جبريل وقال شأنكم .
قال أبو حاتم من حسن عقله وقبح وجهه فقد أفقد فضائل نفسه قبائح وجهه ومن حسن وجهه وقل عقله فقد أذهب محاسن وجهه نقائص نفسه فلا يجب للعاقل أن يغتم إذا كان معدما لأن العاقل قد يرجى له الغنى ولا يوثق للجاهل المكثر ببقاء ماله ومال العاقل عقله وما قدم من صالح عمله