المنية بهم وتغنيهم عن السعي والحركات مع تعطل الجثث والآلات ثم تعيدهم الى الأرض التي منها خلقهم حتى تأكل لحومهم كما أكلوا أثمارها وتشرب دماءهم كما شربوا من أنهارها وتقطع أوصالهم كما مشوا على ظهرها فالقبر أول منزل من منازل الآخرة وآخر منزل من منازل الدنيا فطوبى لمن مهد في دنياه لقبره وقدم منها لآخرته فكم عفرت الأرض من عزيز وأفقدت الغير من أنيس .
حدثني محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا عبد الله بن محمد حدثني محمد بن عباس حدثنا إبراهيم بن يزيد قال رأيت أعرابيا وقف على مقبرة وهو يقول ... لكل أناس مقبر بفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد ... وما إن ترى دارا لحي قد أقفرت ... وقبرا لميت بالفناء جديد ... فهم جيرة الأحياء أما محلهم ... فدان وأما المتقى فبعيد ... .
وأنشدني أحمد بن عبد الله الكرجي لعمر بن شبه في نفسه ... يا ابن سبعين وعشر ... وثمان كاملات ... غرضا للموت مشغولا ... بخد منى وهات ... ويك لا تعلم ماتلقى ... به بعد الممات ... من صغار موبقات ... وكبار مهلكات ... يا ابن من قد مات ... من آبائه والأمهات ... هل ترى من خالد ... من ذي طغاة وعتاة ... إن من يبتاع ... بالدين خسيسات الحياة ... لغبي الرأي محفوف ... بطول الحسرات ... .
حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغلابي حدثنا شعيب بن واقد المري عن عبد المنعم الرياحي قال سمعت صالح المري يقول دخلت المقابر يوما في شدة الحر فنظرت الى القبور خامدة كأنهم قوم صموت فقلت يا سبحان الله من يجمع بين أرواحكم وأجسامكم بعد إفتراقها ثم يحييكم وينشئكم من طول البلى قال