بصحبته أن لا يعد شتمه شتما ولا إغلاظه أغلاظا ولا التقصير في حقه ذنبا لأن ريح العزة بسطت لسانه ويده بالغلظة فإن أنزله الوالي منزلة رفيعة من نفسه فلا يثقن بها وليجانب معه كلام الملق والأكثار من الدعاء في كل وقت وكثرة الانبساط فرب كلمة أثارت الوحشه بل يجتهد في توقيره وتعظيمه عند الناس فإن غضب فليحتل في تسكين غضبه باللين والمداراة ولا يكون سببا لتهييجه .
ولقد حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغلابي حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال بعث أبو جعفر الى جعفر بن محمد قال إني أستشيرك في أمر إني قد تأنيت أهل المدينة مرة بعد أخرى فلا أراهم يرجعون ولا يعتبون وقد رأيت أن أبعث فأحرق نخلها وأغور عيونها فما ترى فسكت جعفر فقال مالك لا تكلم قال إن إذنت لي تكلمت قال قل قال يا أمير المؤمنين إن سليمان أعطى فشكر وإن أيوب أبتلى فصبر وإن يوسف قدر فغفر وقد جعلك الله من النسل الذي يعفون ويصفحون قال فطفيء غضبه وسكن .
حدثني محمد بن أبي علي الخلادي حدثنا محمد بن أبراهيم بن سعيد عن محمد ابن حميد بن فروة عن أبيه قال لما استقرت للمأمون الخلافة دعا إبراهيم بن مهدي المعروف بابن شكلة فوقف بين يديه فقال أنت المتوثب عليها تدعى الخلافة فقال إبراهيم يا أمير المؤمنين أنت ولي الثأر محكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب كما جعل كل ذي ذنب دونك فإن أخذت أخذت بحق وإن عفوت عفوت بفضل ولقد حضرت أبي وهو جدك أتى برجل كان جرمه أعظم من جرمي فأمر الخليفة بقتله وعنده المبارك بن فضالة فقال المبارك بن فضالة إن رأى أمير المؤمنين أن يستأنى في أمر هذا الرجل حتى أحدثه بحديث سمعته من الحسن يحدث به عن رسول الله