قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم رجاء عفو الله جل وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه لأن صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء وصاحب العقاب وإن انتقم كان الى الندم أقرب فأما من له أخ يوده فإنه يحتمل عنه الدهر كله زلاته .
ولقد أخبرني محمد بن المنذر حدثنا أحمد بن داود التمار قال سمعت مردويه الصائغ يقول سمعت الفضيل بن عياض يقول احتمل لأخيك الى سبعين زلة قيل له وكيف ذلك يا أبا علي قال لأن الأخ الذي آخيته في الله ليس يزل سبعين زلة .
أنشدني علي بن محمد البسامي ... إذا لم تجاوز عن أخ لك عثرة ... فلست غدا من عثرتي متجاوزا ... وكيف يرجيك البعيد لنفعه ... إذا كان عن مولاك برك عاجزا ... .
أنبأنا محمد بن صالح الطبري حدثنا الرمادي حدثنا الجعفي يحيى بن سليمان حدثنا ابن ابجر حدثني ابي قال أقبل الشعبي يوما فإذا هو برجلين من قومه من وراء جدار قصير قال فاستمع عليهما فإذا هما يقعان فيه ويشتمانه وينتقصانه حتى أكثرا فلما أطالا أشرف عليهما الشعبي فقال ... هنيئا مريئا غير داء مخامر ... لعزة من أعراضنا ما استحلت ... .
فقالا والله يا أبا عمرو لا نقع فيك بعد اليوم .
وأنشدني بعض أهل العلم ... ولربما ابتسم الوقور من الأذى ... وضميره من حره بتأوه ... ولربما خزن الحليم لسانه ... حذر الجواب وإنه لمفوه ... .
وأنبأنا أبو عوانه يعقوب بن إبراهيم أنبأنا عبد الله بن الحسين المصيصي