وجملةُ الأمرِ أنَّه لا يكونُ كلامٌ من حرفٍ وفعلٍ أصلاً ولا من حرفٍ واسمٍ إلا في النَّداء نحو : يا عبد الله . وذلك أيضاً إذا حُققَ الأمرُ كان كلاماً بتقديرِ الفعلِ المُضمرِ الذي هو أعْني وأريد وأدعو و " يا " دليلٌ على قيام معناهُ في النفس .
فهذه هي الطّرُقُ والوجوهُ في تعلُّق الكلمِ بعضِها ببعضٍ . وهي كما تَراها معاني النَّحوِ وأحكامهِ .
وكذلك السَّبيلُ في كلَّ شيءٍ كانَ له مدخَلٌ في صحَّةِ تعلُّقِ الكلم بعضِها ببعضٍ لا تَرى شيئاً مِن ذلك يَعْدو أنْ يكونَ حُكماً من أحكامِ النَّحو ومعنًى من معانيه . ثم إنّا نَرى هذهِ كلَّها موجودةً في كلامِ العربِ ونَرى العلمَ بها مُشتَرِكاً بينهم .
وإِذَا كان ذلك كذلك فما جوابُنا لخَصمٍ يقولُ لنا : إذا كانتْ هذهِ الأمورُ وهذه الوجوهُ منَ التعلُّق التي هيَ محصولُ النَّظمِ موجودةً على حَقائِقها وعلى الصِّحَّة وكما ينبغي في منثورِ كلامِ العربِ ومنظومِه ورأيناهُم قدِ اسْتَعملوها وتصرَّفوا فيها وكمَّلوا بمعرفتِها وكانتْ حقائقَ لا تتبدَّلُ ولا تَختلفُ بها الحالُ إِذْ لا يكونُ للاسمِ بكونه خبراً لمبتدأ أو صفة لموصوف أو حالاً لذي حالٍ أو فاعلاً أو مفعولاً لفعلٍ في كلامٍ حقيقةٌ هي خلافُ حقيقتهِ في كلامٍ آخَرَ فما هذا الذي تجدَّد بالقرآنِ من عظيمِ المزيَّةِ وباهرِ الفَضْل والعجيبِ منَ الوصف حتى أعجز الخلقَ قاطبةَ وحتَّى قهرَ منَ البُلغاء والفُصَحاءِ القُوى والقُدُرَ وقيدَ الخواطرِ والفِكر وحتى خَرِستِ الشقاشقُ وعدمَ نطقُ الناطقِ وحتى لم يَجْرِ لسانٌ ولم يُبنْ بَيانٌ ولم يساعدْ إمكانٌ ولم يَنْقدحْ لأَحدٍ منهُم زَنْد