حسنةً في موضعٍ وضعيفةً مستكرهةً في موضع . وإنْ أردتَ أن تعرفَ ذلك فانظرْ إلى قولِ عمرَ بن أبي ربيعة المخزوميَّ : .
( ومن مالىءٍ عينَيْهِ من شيءِ غَيرهِ ... إِذا راحَ يخو الجَمْرةِ البِيضُ كالدُّمَى ) .
وإلى قول أبي حَيَّة - الطويل - : .
( إّذا ما تَقاضي المَرْءَ يومٌ ولَيلةٌ ... تَقاضاهُ شَيءٌ لا يَملُّ التَّقَاضِيا ) .
فإِنك تَعْرفُ حُسْنَها ومكانَها منَ القَبول . ثم انْظُر إليها في بيتِ المُتنبيَّ - الطويل - : .
( لوِ الفَلكَ الدَّوَّارَ أَبْغَضْتَ سَعْيَه ... لَعوَّقهُ شَيءٌ عن الدَّوَرانِ ) .
فإِنك تَراها تقلُّ وتَضْؤلُ بحسبِ نُبلها وحسنِها فيما تقدَّم .
وهذا بابٌ واسعٌ فإِنك تجدُ متى شئتَ الرّجلينِ قد استعملا كَلماً بأعيانِها . ثم ترى هذا قد فرعَ السَّماكَ وترى ذاكَ قد لصقَ بالحَضيض . فلو كانتِ الكلمةُ إِذا حَسُنَتْ حَسُنَتْ من حيث هي لفظٌ وإذا استحقَّت المزيَّةَ والشرفَ واستحقَّتْ ذلك في ذاتِها وعلى انفرادِها دونَ أن يكونَ السببَ في ذلك حالٌ لها مع أخواتها المجاورةِ لها في النَّظم لما اختلفَ بها الحالُ ولكانتْ إما أنْ تحسنَ أبداَ أو لا تحسنَ أبداً . ولم تَرَ قولاً يضطربُ على قائلهِ حتّى لا يدري كيف يُعبَّرُ وكيف يُرِؤدُ ويُصدِرُ كهَذا القول . بل إن أردتَ الحقَّ فإِنه من جِنسِ الشَّيءِ يُجري به الرجلُ لسانَهُ ويُطلقُه . فإِذا فَتشَ نفسَهُ وجدَها تعلمُ بُطلانَه