والدَّمَ ) النصبُ في الميتة هو القراءة ويجوزُ : إنما حُرِّم عليكم . قال أبو إسحاقَ والذي أختارُه أن تكونَ ما هي التي تمنعُ إنَّ مَن العمل ويكونَ المعنى : ما حُرِّم عليكم إلا الميتةُ لأن إنما تأتي إثباتاً لما يُذْكَرُ بعدَها ونفياً لما سواهُ وقولِ الشاعر : .
( وإنّما يُدافِعُ عَنْ أَحسابِهمْ أَنا أَوْ مِثْلي ... ) .
المعنى : ما يدافِعُ عن أحسابِهم إلاّ أنا أو مثلي . انتهى أبي كلامُ أبي علي .
اعلمْ أنَّهم وإنْ كانوا قَدْ قَالوا : هذا الذي كَتْبتُه لك فإنَّهم لم يَعْنُوا بذلك أن المعنى في هذا هُوَ المعنى في ذلكَ بعينِه وأنَّ سبيلَهُما سبيلُ اللفظين يُوضعان لمعنًى واحدٍ . وفرقٌ بينَ أنْ يكونَ في الشيءِ معنَى الشيءِ وبينَ أن يكونَ الشيءُ للشيءِ على الإطلاق . يُبيِّنُ لك أنَّهما لا يكونان سواءً أنه ليس كلُّ كلامٍ يصلحُ فيه ما وإلا يصلحُ فيه إنما . ألا تَرى أنها لا تصلحُ في مثلِ قولِه تعالى : ( ومَا مِنْ إِلهٍ إلاَّ اللّهُ ) ولا في نحوِ قولِنا : ما أحدٌ إلاَّ وهو يقولُ ذاك . إذ لو قلتَ : إنَّما مِنْ إلهٍ اللّهُ وإنَّما أحَدٌُ وهو يقولُ ذاك قلتَ ما لا يكونُ له معنًى . فإِنْ قلتَ : إنَّ سببَ ذلك أن أحداً لا يقعُ إلاَّ في النفيِ وما يَجْري مَجْرى النفي من النَهْي والاستفهام وأنَّ مِن المَزيدةَ في ما مِنْ إلهٍ إلاّ اللهُ كذلكَ لا تكونُ إلاّ في النفي . قيلَ : ففي هذا كفايةٌ بأنه اعترافٌ بأنْ ليسا سواءً لأنهما لو كانا سواءً لكانَ ينبغي أن يكونَ في إِنما منَ النفي مثلُ ما يكونُ في ما وإلاّ . وكما وجدتَ إنما لا تصلحُ فيما ذكرنا تجدُ ما وإلاّ لا تصلحُ في ضربٍ من الكلام قد صلُحَت فيه إنما وذلكَ في مثلِ قولكَ : إنَّما هو دِرهمٌ لا ينارٌ . لو قلتَ : ما هو إلاَّ دِرهمٌ لا دينار لم يكن شيئاً . وإذ قد بانَ بهذه الجملةِ