ما ساق إليه البعد من الاشتياق إلى تقبيل الأقدام لم تسعه قائمه وهو يعد القلب بالصبر ولكن كما ذكر كعب عن مواعيد عرقوب فنسأل الله حسن الخاتمة .
رجع إلى ما كنا فيه من تكملة المقامة الحريرية والتنبيه على حسن ختامها قال بعد الفصل المجسد الذي اخره ولم يبق لنا ثنية ولا ناب فمذ اغبر العيش الأخضر وازور المحبوب الأصفر اسود يومي الأبيض وابيض فودي الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فحبذا الموت الأحمر وتلوى من ترون عينه فراره وترجمانه اصفراره قصوى بغية أحدهم ثرده وقصارى أمنيته برده وكنت آليت أن لا أبذل الحر إلا للحر ولو أني مت من الضر وقد ناجتني القرونه بأن توجد عندكم المعونه وآذنتني فراسة الحوباء بأنكم ينابيع الحباء فنضر الله امرأ أبر قسمي وصدق توسمي ونظر إلي بعين يقذيها الجمود ويقذيها الجود قال الحرث بن همام فهمنا لبراعة عبارتها وملح استعارتها وقلنا لها قد فتن كلامك فكيف إلحامك فقالت يفجر الصخر ولا فخر فقلنا لها إن جعلتنا من رواتك لم نبخل بمواساتك فقالت لأرينكم أولا شعاري ثم لأورينكم أشعاري فأبرزت ردن درع دريس وبرزت برزة عجوز دردبيس وأنشأت تقول .
( أشكو إلى الله اشتكاء المريض ... جور الزمان المعتدي البغيض ) .
( يا قوم إني من أناس غنوا ... دهرا وجفن الدهر عنهم غضيض ) .
( فخارهم ليس له دافع ... وصيتهم بين الورى مستفيض ) .
( كانوا إذا ما نجعة أعوزت ... في السنة الشهباء روضا أريض ) .
( تشب للسارين نيرانهم ... ويطعمون الضيف لحما غريض ) .
( ما بات جار لهم ساغبا ... ولا لروع قال حال الجريض ) .
( فغيضت منهم صروف الردى ... بحار جود لم أخلها تغيض ) .
( وأودعت منهم بطون الثرى ... أسد التحامي وأساة المريض ) .
( فمحملي بعد المطايا المطا ... وموطني بعد اليفاع الحضيض ) .
( وافرخي ما تأتلي تشتكي ... بؤسا له في كل يوم وميض ) .
( إذا دعا القانت في ليله ... مولاه نادوه بدمع يفيض ) .
( يا رازق النعاب في عشه ... وجابر العظم الكسير المهيض )