ما أحسن ما خرج من الرثاء إلى الهجو في حميد بن قحطبة والقرابة التي بينه وبين ابن حميد أنهما كانا طائيين ومنه قول الحسين بن علي القمي .
( جاورت أجبالا كأن صخورها ... وجنات نجم ذي الحياء البارد ) .
( والشوك يفعل في ثيابي مثل ما ... فعل الهجاء بعرض عبد الواحد ) .
ومنه قول أبي محمد بن مكدم وهو غاية في هذا الباب .
( وليل كوجه البرقعيدي ظلمة ... وبرد أغانيه وطول قرونه ) .
( قطعت فنومي عن جفوني مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه ) .
( بذي أولق فيه اعوجاج كأنه ... أبو جابر في خبطه وجنونه ) .
( إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... سنا وجه قرواش ونور جبينه ) .
فانظر إلى قوة الاستطراد من وصف حاله مع الليل إلى هجاء الثلاثة ومدح قرواش .
ومنه .
( إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه ... فليس به باس وإن كان من جرم ) .
أنظر ما أبلغ ما خرج من الوعظ إلى الهجو المؤلم في قبيلة جرم .
ومثله .
( وشادن بالدلال عاتبني ... واميتتي من تدلل العاتب ) .
( فكان ردي عليه من خجل ... أبرد من شعر خالد الكاتب ) .
ومنه قول ابن المعتز .
( ولقد شربت مدامة كرخية ... مع ماجد طلق اليدين حميد ) .
( عليت بماء بارد فكأنما ... عليت ببرد قصيدة ابن سعيد ) .
ومثله قول بعضهم يصف خمرا طبخت حتى راقت وصفت .
( لم يبق منها وقود الطابخين لها ... إلا كما أبقت الأنواء من داري )